الأحد، 12 ديسمبر 2010

العصر الفرعونى ( 2 )





عصر الدولة القديمة حوالي (2780 – 2280) ق.م
من القرن (27 – 22) ق.م

يسمى عصر الدولة القديمة بعصر بناة الأهرامات نظرا لحرص كل ملك من ملوكها على إقامة هرم خاص به ، كما يسمى أيضا بالعصور المنفية نظرا لأستقرار الحكم لأغلب ملوكها في مدينة منف ( ميت رهينة ) مركز البدرشين حاليا و تشمل الدولة القديمة الاسرات من الثالثة و حتى السادسة .

 الأسرة الثالثة (2780 – 2680) ق.م
بدأ عصر الدولة القديمة بالأسرة الثالثة وهناك اختلاف بين قائمة مانيتون و القوائم الملكية الأخري وما تمدنا به الآثار حول أول من بدأ الأسرة الثالثة وعدد ملوكها ومدد حكمهم ، وقد ذكر مانيتون تسعة ملوك ، أما علي لوحة سقارة وأبيدوس وبردية تورين نجد أسماء 4 ملوك فقط ، وأجتمعت آراء أغلب الباحثين علي أن الأسرة الثالثة تتكون من ستة ملوك هم (سانخت – زوسر – سخم خت – خع با - نب كا – حوني) .
اشتهرت الأسرة الثالثة بالتقدم في الطب ، ومن أهم اطبائها إمحوتب كبير الاطباء و حسى رع كبير اطباء الاسنان .

الأسرة الرابعة (2680 – 2560) ق.م
الأسرة الرابعة تعد من أكثر الأسرات شهرة في مصر القديمة فهي أسرة بناة الأهرامات أحدى عجائب الدنيا السبع القديمة، والوحيدة الباقية حتى الان ، ويبلغ عدد ملوك هذه الأسرة ثمانية ملوك وقد اختلف الباحثون في ترتيبهم وهم (سنفرو - خوفو - جدف رع - خفرع - جدف حور- باواف رع - منكاورع - شبسكاف) ، والملك سنفرو هو مؤسس هذه الأسرة ، أما الفرعان الكبيران المتنافسان في هذه الأسرة هما فرع خفرع وفرع جدف رع .

الأسرة الخامسة (2560 ـ 2420) ق.م
يعتبر عصر الأسرة الخامسة فاتحة زمن زاهر جديد ، ومن خصائصه أن أتسعت فيه آفاق عبادة الشمس "رع" وشملت أمور الدنيا والآخرة من طقوس وأحتفالات ، و بلغت فنون العمارة والنحت والتصوير والنقش درجة عالية من الرقي ، كما زادت خلاله صلات مصر التجارية الخارجية على نطاق واسع مع فينيقيا في الشمال الشرقي وبلاد (بونت) في الجنوب الشرقي .

وقد جمعت هذه الأسرة بين الفرعين المتنافسين في الأسرة الرابعة ، فرع خفرع مثلته خنت كاوس و فرع جدف رع مثله أوسركاف وحققت الوئام بينهما بزواج خنت كاوس من أوسركاف الذي أعلن نفسه ملكاً للبلاد وكان يبلغ عندئذ الخمسين عاماً ، ولكن لم يمكث على العرش إلا مدة تزيد عن سبع سنوات ، وشيد له هرماً على بعد قليل من الناحية الشمالية لهرم جسر ويسمى الهرم المخربش والموجود بجبانة سقارة .

ملوك هذه الأسرة تسعة هم : (أوسر كاف - ساحو رع - نفر إر كارع - شبس كا رع - نفر اف رع - ني أوسر رع - منكاو حور - جدكارع - ونيس أو أوناس)
ويلاحظ أن أغلب أسماء ملوك هذه الأسرة دخل اسم رع فيها ، ويتضح من هذا أن عبادة معبود الشمس رع أصبح له أهمية كبرى ، وذلك لأن أصل الأسرة كان من أيونو ، ومنذ بداية هذا العصر سن ملوك الأسرة الخامسة سنة جديدة وهي أن يشيد كل ملك معبداً لإله الشمس رع ، واستمرت هذه السنة طوال عصر الأسرة الخامسة واختفت بعدها ، كما تأثرت عمارة وزخارف وتصميمات المعابد بديانة الشمس ، وقد بدأ أوسركاف هذه السنة فبنى معبداً متواضعاً في أبي غراب جنوبي الجيزة ولكنه كان متواضعاً بعض الشئ ومبني من الطوب اللبن .

الأسرة السادسة : (2420 ـ 2280) ق.م
حدث انتقال العرش من الأسرة الخامسة إلى الأسرة السادسة دون أي نزاع ، ومن أهم ملوكها ( تيتي - وسر كارع - مري رع (بيبي الأول) – مري ان رع الأول - نفر كارع (بيبي الثاني) – مري ان رع الثاني - نيت اقرت) .
شهدت الأسرة السادسة ثورة اجتماعية أدت إلى حالة من التفكك والاضطراب في البلاد ، ومن اسباب الثورة ضعف السلطة المركزية في منف لفقد ملوكها لهيبتهم ، وضعفهم سمح لحكام الأقاليم بالسيطرة وزادت سلطتهم وورثوا الوظائف لأبنائهم ولم يدينوا بالولاء للملك ، كما ساءت الحالة الإقتصاية وظهرت المجاعة ، وقامت بعض الغارات قام بها الآسيويون على حدود مصر الشرقية ، وتسللت بعض الجماعات إلى مصر ، وتعد بردية ليدن التي تحكي مارواه ايبوور في وصفه للأحداث من أهم المصادر التي كتبت عن هذه الثورة والتي تصف مظاهرها و الى أي مدى وصل عدم الأستقرار بالبلاد.



عصر اللامركزية الأول حوالي (2280 ـ 2050) ق .م
من القرن (22 – 21) ق. م


امتد من بداية الأسرة السابعة إلى نهاية الأسرة العاشرة ويسمى بعصر الانتقال لأنه عصر انتقال من وحدة في الحكم إلى زعزعة الحكم وتفرقه ، ومن الاستقرار إلى القلقلة ، وتميز هذا العصر بازدهار أوضاع الطبقة المتوسطة .

نمت فيه روح الفردية ، وظهرت عقائد دينية ومبادئ سياسية جديدة ومتحررة ، قلت فيه إمكانيات الدولة ، وضعفت السلطة المركزية وأزداد نفوذ حكام الأقاليم ونشبت ثورات عديدة من جراء سوء الأحوال الأقتصادية والأجتماعية ، ثم عَقبَ هذه الثورات نزاعات بين بيوت وأسرات الحكم ، وتوقفت بهذا عجلة البناء والتطور الحضاري .


الأسرة السابعة والثامنة  :
روى مانيتون أنه تولى الحكم في عصر الأسرة السابعة سبعون ملكاً لمدة سبعين يوماً وربما أن هؤلاء الملوك كانوا مجموعة من كبار الموظفين أو حكام الأقاليم كونوا حكومة ترأسها كل منهم يوماً واحداً .
ثم تجمع سبعة من كبار حكام الأقاليم الجنوبية لمصر العليا في مملكة مستقلة حول حاكم إقليم قفط ليكونوا الأسرة الثامنة ، واستمرت هذه المملكة الصغيرة 10 سنوات ، وذكر باحثون اخرون انها استمرت 40 سنة ، وفي أواخر هذه الأسرة تسربت زعامة مصر الوسطى إلى أيدي حكام أهناسيا غربي مدينة بني سويف الحالية ، ومصر الوسطى هي قطاع من الأرض بين مصر السفلى ومصر العليا ، يبدأ من العياط في الشمال وحتى أسوان من الجنوب .

الأسرة التاسعة والعاشرة  :
عُرف ملوك الأسرتين التاسعة والعاشرة جميعهم باسم (خيتي) وكان مؤسس الأسرة التاسعة هو (مراي إيب خيتي الأول) ، وصفه مانيتون بأنه ملك قاسي ، وفقد عقله في نهاية حياته وألتهمه تمساح ، وتمثل التراث الذي تركته الأسرتان بشكل واضح في قصة ( القروي الفصيح ونصائح مريكارع ) .
أصبح مصر تتكون من عدة ممالك ففي الشمال من الدلتا غزاه آسيويين أجانب وفدوا الى مصر في اواخر الاسرة السادسة وتمتعوا بقوة فائقة ، وفي مصر الوسطى حاكم الإقليم العشرين – مدينة أهناسيا التي تقع على البر الغربي للنيل - من أقاليم مصر العليا ويدعي خيتي نصب نفسه ملكاً على مصر وأسس الحكم الأهناسي  ، وفي الجنوب جمع حكام إقليم طيبة الأقاليم الأخرى حولهم وكونوا مملكة في طيبة) .

وهكذا يبدو أن مصر قد عادت إلى عصر ما قبل الأسرات ، يسودها حكام أقاليم في الشمال وفي مصر الوسطى وفي الجنوب .

واختيار الملوك لأهناسيا هو عامل جغرافي فهي قريبة من منطقة الثورة في منف وعامل ديني لاهمية مدينتهم الدينية والسياسة كذلك ، واستمر حكم الأسرتين أكثر من مائة وعشرين عام .

وسمى عصر الأسرتين التاسعة والعاشرة بالعصر الأهناسي ، حيث قامت الصراعات بين البيت الطيبي والأهناسي ، وحاول حكام طيبة أن يرثوا زعامة الصعيد ، واشتهر أولهم باسم انتف الذي اعترف بسيادة حاكم الشمال في أهناسيا كملك على البلاد ، و هادنوا الأسر القوية في أهناسيا ، وعملت طيبة في نفس الوقت على أن تجمع الحلفاء حولها ، وزكت روح الأمل وأصبحت هذه الأسرة الطيبية موالية للأسرة التاسعة والعاشرة لمدة خمسة وسبعين عاماً ، و بعد سقوط الأسرة العاشرة في الشمال ، أصبح ملوك الأسرة الحادية عشرة يحكمون في الجنوب كملوك لمصر كلها ، وأسسوا فيما بعد الدولة الوسطى .
وبالرغم من ان المنازعات بين البيت الأهناسي والبيت الطيبي لم تكن في مصلحة البلاد لكنها ذكت الروح الحربية وروح النضال المنظم في حياة المصريين ، وزادت من شعور الملوك الطيبيين والأهناسيين بحاجتهم إلى رعاياهم والتماس تأييدهم وزادت القربة بينهم  .
كما كانت من عوامل تشجيع المصريين على إعلان عقائدهم الخاصة وآرائهم في مذاهب أسلافهم ، بالنقد والمدح ، والرغبة في التعديل ، ولا شك أن غياب وحدة الحكم في البلاد قلل من الإمكانيات المادية ، والاتصالات الخارجية ، وشهد هذا العصر انتفاضات سياسية وفكرية ، والتطلع إلى حقوق الفرد ، وكان لحرية الكلمة أثر في الأدب القديم ، وأثر ذلك بافكار جديدة آتت ثمارها في خلال الدولة الوسطى .



عصر الدولة الوسطى
حوالي (2050 – 1785) ق.م
من القرن (21- 18) ق.م



بدأ حكام طيبة في تكوين وحدتهم السياسية بعد مهادنة ملوك أهناسيا ، وهم ملوك الأسرة العاشرة ، وعمل حكام أهناسيا على طرد البدو الآسيويين (غزاه آسيويين أجانب تمتعوا بقوة فائقة في الشمال من الدلتا في عصر اللامركزية الأول( ، وفي نفس الوقت اتجه حكام طيبة إلى الاهتمام بالنوبة والدفاع عنها ، وبفضل هذان الحدثان في الشمال والجنوب أصبحت وحدة مصر في طريق التحقيق ، وبمرور فترة تزيد عن ثمانين عاماً من الصراع نجح البيت الطيبي في تحقيق وحدة البلاد وتكوين الأسرة الحادية عشرة .

الأسرة الحادية عشرة : (2050 – 1991) ق.م
تولى العرش سبعة ملوك (انتف الأول – انتف الثاني – انتف الثالث – منتوحوتب الأول – منتوحوتب الثاني (نب حتب رع) – منتوحوتب الثالث – منتوحوتب الرابع) .
جعل هؤلاء الملوك من طيبة (الأقصر) عاصمة لملكهم ، بعد أن كانت مدينة عادية في إقليم (واست) ومعناه الصولجان وكان معبودها الرسمي (آمون) والمعبود الحامي الإله (مونتو) ، وكان يعبد في أرمنت ، كمعبود للحرب ، ويصور على هيئة الصقر (رأس صقر وجسم إنسان) ، وقد انتسب إليه ملوك الأسرة وتسموا باسم منتوحوتب ( بمعنى مونتو راضي) وذلك تعبيراً على اعتزازهم بهذا الإله ، وطابع الحرب والكفاح الذي تأسست عليه دولتهم ، وأعادوا به الوحدة لمصر كلها .

وحرص ملوك هذه الأسرة على إقامة المعابد لآمون ، وشيدوا مقابرهم الملكية في غرب طيبة ، وقد حكم كلا من انتف الأول ( عشر سنوات) ، وأنتف الثاني ( خمسين سنة) و أنتف الثالث ( خمس سنوات) ، وقامت في عهده عدة مجهودات من أجل الوحدة لأن بداية الأسرة الحادية عشرة كانت معاصرة للأسرة العاشرة في أهناسيا ، حيث التفكك والضعف ، ثم جاء حكم منتوحتب الأول واستغل ضعف الأسرة العاشرة ومد سلطانه إلى الشمال ، ولكنه توفى أثناء حملته إلى الشمال ، وقد حكم ثمانية عشرة عاماً .
ثم حكم منتوحوتب الثاني (منتوحوتب نب حتب رع) ، وجاء اسمه في قائمة أبيدوس وسقارة كأول ملوك الأسرة الحادية عشرة وكان أقوى ملوك هذه الأسرة ، وقام بالهجوم على الشمال ، وسقطت أهناسيا في العام التاسع من حكمه ، وأعلن نفسه ملكاً على مصر كلها ، وكان أول ملك من طيبة ، يصبح ملكاً على الوجهين ، وأصبحت طيبة عاصمة للبلاد لأول مرة ، وتمتع هذا الملك بالتقديس والحب ، وورد ذكره في النصوص بين مينا ( الدولة القديمة ) وأحمس ( الدولة الحديثة ) باعتبار أنه مؤسس للدولة الوسطى ، فقد حكم 46 عاما نجح خلالها في إحلال النظام والهدوء إلى الجنوب والشمال .

وبعد وفاة هذا الملك خلفه على العرش منتوحوتب الثالث ثم منوحتب الرابع ، وحكموا أحدى عشر عاما ، واتبعوا سياسة منتوحوتب الثاني في مواصلة الجهود للإصلاح في البلاد ، وإرسال الحملات إلى المناجم والمحاجر في الصحراء الشرقية ، كذلك إلى بلاد النوبة وبونت ، هذا إلى جانب مواصلة العمران في البلاد ، وإنشاء المعابد في الدلتا والصعيد ، وهكذا انتهت فترة حكم الأسرة الحادية عشرة بعد حوالي مائة وأربعين سنة في الحكم .

الأسرة الثانية عشرة من (1991 - 1778) ق.م
تعتبر من الأسرات الهامة في تاريخ مصر القديم ، فتحت حكم وإدارة هذه الأسرة لم تجد مصر فقط الاستقرار الداخلي بل تألقت في الخارج ، ولذا يعتبر عصر الأسرة الثانية عشرة من أزهى عصور الدولة الوسطى ، و يرى بعض الباحثون أن أمنمحات الأول قد اغتصب العرش من الأسرة الحادية عشر وأسس هذه الأسرة الحاكمة ، و ملوكها ثمانية ملوك هم (أمنمحات الأول – سنوسرت الأول – أمنمحات الثاني – سنوسرت الثاني – سنوسرت الثالث – أمنمحات الثالث – أمنمحات الرابع – سبك نفرو) .
تمتاز هذه الأسرة بأنها تقربت الى الشعب بأقامة العديد من الأصلاحات و الأعمال الأقتصادية والعمرانية التي زادت من رخاء الشعب ، وقضت على حكم الأقطاع في الأقاليم ، وجعلت ولاتها عمالا خاضعين لسلطة الملك بعد ان كانوا منذ أواخر عهد الدولة القديمة شبة ملوك مستقلين ، مما أدى الى تقدم البلاد تقدما عظيما في شتى النواحي .
فيعرف هذا العصر عند الباحثين بعصر الأدب ، فالشعر و النثر بلغا الذروة من حيث المتانة والجودة ، كما أرتقى فن النحت والعمارة بدرجة كبيرة ، وفاقت المصنوعات الفنية مثيلاتها في العصور الأخرى .
وزادت خيرات البلاد كثيرا لعناية الحكومة بشئون ضبط النيل وإقامتها مشروعات الري في الفيوم ، واستصلاحها أقاليم شاسعة من الأراضي الزراعية مما عاد على البلاد بالخير ، فكانت مصر في عهد هذه الأسرة أقوى دولة في العالم القديم.
 
عصر اللامركزية الثاني
حوالي (1785 ـ 1570) ق . م
 من القرن (18 – 16) ق.م


الأسرة الثانية عشرة كانت من أزهى عصور مصر
فجأة انتهى حكم الأسرة الثانية عشرة بعد الملك سبك نفرو ، وخرج مُلك مصر الى يد أسرة أخرى هي الأسرة الثالثة عشرة ، فقد أصاب البلاد ضعف شامل وانحلال  .

ويرى بعض الباحثين أن سبب هذا راجع إلى ظهور أعداء لمصر في سوريا وفلسطين ، ووجود خلافات داخلية في الجنوب في العائلة المالكة منذ بدء الأسرة الثانية عشرة ، فكانت هناك المؤامرات وتسبب هذا في عدم الاستقرار ، وفساد الإدارة ، وتفرق الكلمة ، واضطراب الأمن في البلاط الفرعوني ، مما ادى لأنهيار البيت المالك ، ويمكن أن نميز في هذا العصر ثلاثة مراحل مختلفة  .

•    فترة أولية كانت تحكم أثناءها أسرات مصرية ، واستمر يحكم فيها ملوك مصريين بمفردهم ، فكانت هناك عدة بيوت قوية تحكم في أنحاء البلاد في وقت واحد في طيبة و قفط و أسيوط وفي شرق الدلتا وغربها ، ولكن أهم هذه البيوت هو ما يسميه الباحثون بالأسرة الثالثة عشرة ، وهي البيت المالك في طيبة  .

•    فترة ثانية تعرضت فيها البلاد للغزو الأجنبي لأول مرة في تاريخها ودخول الهكسوس واغتصابهم الحكم بعد ذلك  .

•    فترة أخيرة عادت فيها لمصر قوتها ونجحت في طرد العدو الأجنبي وبدأت سياسة التوسع  .

و انتهى حكم الأسرة الثالثة عشر وانتقلت مقاليد الحكم إلى الأسرة الرابعة عشر ، وروى مانيتون أن عدد ملوكها ستة وسبعون ملكاً ، حكموا مائة وأربعة وثمانين عاماً ، وكانوا من إقليم سخا ، بمحافظة كفر الشيخ الان ، و اضطرب الحكم في عهدهم ، وظل اضطراب الأمور فيما وراء الحدود الشرقية والشمالية الشرقية ، وهذا بسبب خطر الهكسوس ، وانتهى الأمر إلى غزو الهكسوس للبلاد  .

وقد أتى الهكسوس من آسيا ، عن طريق هجرات وتحركات شعبية كبيرة هاجرت تباعا نتيجة ظروف طبيعية أو بشرية ، ثم وصلت سوريا ، ثم تسللت جماعات منهم إلى شرق الدلتا خلال فترة الاضطرابات التي انتهت بها أيام الدولة الوسطى ، وفي أواخر عصر الأسرة الثالثة عشر وجد الهكسوس طريقهم للبلاد في شكل جحافل كبيرة بأسلحة جديدة للحرب لم يكن يعرفها المصريون ، كان منها العربات الحربية والخيول والدروع والأقواس الكبيرة ، وفرقوا البلاد وهدموا المعابد وأذلوا المصريين وأساءوا معاملتهم  .

وانتحل ملوك الهكسوس صفات الملوك المصريين وألقابهم ، واتخذ ساليتيس أول ملوكهم ( أول ملوك الأسرة الخامسة عشر ) عاصمة جديدة في شرق الدلتا ( على ضفة الفرع التانيسي القديم ) وسماها أفاريس ، واتخذ الهكسوس معبوداً لهم هو الإله سوتخ ، ربما أحد مظاهر الإله ست المصري الذي كان يعبد في شرق الدلتا ، ورسموه في مظهر آسيوي وقربوه من الإله الآسيوي (بعل).

ثم جاءت الأسرة السادسة عشر وكانت أسرة صغيرة من الهكسوس معاصرة للأسرة الخامسة عشر ، حكمت في طيبة ، ملوكها (أنات حر وتعني "أنات راضية" ، اوسر أنات وتعني "أنات قوية" ، سمقن ، زاكت ، واسا ، قار ، بيبي الثالث ، بب عنخ ، نب ماعت رع ، ني كا رع الثاني ، عا حتب رع ، نوب عنخ رع ، نوب اوسر رع ، خاو سر رع ، خامو رع ، يكبم سك خائن رع ، يامو ، آمو) .

كان مركز حكم الهكسوس في شرقي الدلتا ، وامتد نفوذهم فشمل الدلتا بأكملها و الصعيد وبدأت حملات التحرر من إقليم طيبة في أقصى الصعيد ، واستطاع حكامه أن يمدوا نفوذهم حتى أبيدوس ، وأزاحوا نفوذ الهكسوس حتى القوصية ، وعرفت أسرتهم باسم الأسرة السابعة عشرة الوطنية ، وعاصرت أواخر ملوك الهكسوس ، ومن اهم الشخصيات في تلك الفترة هم القادة الملوك "سقنن رع " وولداه "كامس و أحمس ".
وجعل أهل طيبة من اختلاف المذهب الديني بينهم وبين الهكسوس سبباً لجهادهم ضدهم ، وبدأ الكفاح المسلح ضد الهكسوس الملك "سقنن رع " وبدات في عهده المعركة الأولى ، وانتهت بموت سقنن رع متأثراً بفأس قتال أو بلطة ، و جراح في صدره ، ثم تولى الأمر ابنه الملك كامس ، الذي تولى زعامة طيبة وانطلق بجيشه فطهر مصر الوسطى من الهكسوس ، واتجه إلى الشمال وساعد النوبيين ، وقطع كل الإمدادات عن الهكسوس وحاول ملك الهكسوس أن يقضي على كامس بمحاولة التعاون مع حاكم كوش (النوبة) ،  وأرسل رسولاً له يدعوه إلى الوحدة معه ، واقتسام أرض مصر ، ولكن عَلِم كامس بهذا وعاد الى طيبة بعد علمه بالمؤامرة  .
وتوفى كامس في ظروف غامضة ، ثم خلفه أخوه أحمس الذي أتم عمل أخيه و أبيه ، وواصل الجهاد والكفاح والانتقام وجمع الأعوان ، وخرج لمهاجمة الهكسوس في عاصمتهم ، ودارت المعارك حولها وإلى الجنوب منها ، حتى سقطت وأجبروا أهلها على الخروج منها ، وسَلَموا لأحمس بشرط ان يدعهم يخرجون منها عائدين لبلادهم ، فوافق أحمس ، وخرجوا من مصر وتجمعوا في مدينة جنوب فلسطين تدعي شاروحين ، وتحصنوا بها ، وأدرك أحمس خطرهم فلحقهم بجيشه ، وحاصر المدينة ثلاث سنوات حتى سقطت فتركوا المدينة ، وهكذا لفظت مصر الهكسوس أغراباً كما دخلوها ، ففرقت حروب أحمس شملهم ، ثم جاءت حروب تحتمس الثالث فقطعت دابرهم ومحتهم محواً  تاماً من صفحات التاريخ كقوة حربية أو كأمة لها كيان  .


الدوله الحديثه


حوالى (1570 ـ 1085) قبل الميلاد
من القرن (16 -11) قبل الميلاد


عرفت مصر في عصر الدولة الحديثة فترة قوة ومجد وازدهار، وتميز هذا العصر بسياسة الغزو والفتح أو بمعنى أخر سياسة الدفاع وتأمين الحدود في نفس الوقت .
الأسرة الثامنة عشر : (1570ـ 1304) قبل الميلاد
ملوك الأسرة الثامنة عشرة : 14 ملكاً
•     فى مرحلة بناء الإمبراطورية  : أحمس الأول ـ امنحوتب الأول ـ تحتمس الأول ـ تحتمس الثاني ـ حتشبسوت ـ تحتمس الثالث ـ امنحوتب الثاني  ـ تحتمس الرابع  .
•     فى أيام السلم : امنحوتب الثالث ـ امنحوتب الرابع (اخناتون) ـ سمنخ كارع ـ توت عنخ آمون ـ آي ـ حور محب  .

الأسرة التاسعة عشرة : (عصر الرعامسة) ( 1304- 1200) قبل الميلاد
بعد وفاة حور محب لم يكن هناك وريثا ليتولى العرش، فآل الحكم بسهولة إلي أسرة جديدة، وبدأت بشخص يدعي رعمسو وربما كان من ذوي القربى للملك حور محب أو زميل قديم له في الجيش، وكان رعمسو أو رمسيس الأول أصلا من تانيس في شرق الدلتا، ولهذا بدأ يفكر في الإلتفات لهذه المدينة ( صان الحجر ) وجعلها مركزا هاما في إدارة البلاد .
ملوك هذه الأسرة (رمسيس الأول - سيتي الأول - رمسيس الثاني - مرنبتاح -  آمون مس – سبتاح - سيتي الثاني – تاوسرت)  .

الأسرة العشرون : (1200 ـ 1085) قبل الميلاد

في أواخر الأسرة التاسعة عشرة أغتصب العرش مغتصب سوري يدعى أرسو، ثم ظهر فجأة منقذ يسمى "ست نخت " وكان مسناً في ذلك الوقت، وربما أنه نال التأييد من كهنة آمون أو تأييد الشعب ليتولي العرش، فعزل إرسو وتولى عرش البلاد كلها وأسس بذلك الأسرة العشرين .
من ملوكها (ست نخت ـ رمسيس الثالث ـ رمسيس الرابع) ثم خلفه سبعة ملوك يحملون اسم رمسيس حتى رمسيس الحادي عشر) .

وقد استمر ست نخت في الحكم عامين أو ثلاثة أعوام فقط، وكان ابنه رمسيس الثالث هو المنفذ لجميع الإصلاحات الإدارية في البلاد .
وحكم رمسيس الثالث اثنين وثلاثين عاماً، واستطاع أن يدفع بجيشه عن مصر أخطاراً جسيمة، حيث حارب في البداية الليبين في السنة الخامسة من حكمة وهزمهم في معركة الدلتا، وفي العام الثامن من حكمه احتلت شعوب البحر المتوسط شمال البلاد، ونجح في هزيمتهم، وفي العام الحادي عشر من حكمه تعرضت البلاد لخطر الليبيين من جديد، ولكن تصدى لهم رمسيس الثالث وانتصر عليهم .
ولاشك أن هذه الحروب المتتالية كانت عبئاً على خزينة البلاد، ولكن البلاد استطاعت أن تصمد وتعوض جزءاً مما فقدته، وكانت الخيرات الطائلة تتوالى على خزائن الدولة من ممتلكاتها الآسيوية إلى جانب خيرات المناجم مثل الذهب والمعادن الأخرى، ولكن هذا كله لم يسد ما فتحه إسراف الملك، فأخذت الحالة الاقتصادية تتدهور في النصف الثاني من حكمه، حيث انصرف رمسيس الثالث عن تقوية ملكه، واستعان بالأجانب والجنود المرتزقة في الجيش، ونظرا للأزمة الاقتصادية اضطر العمال في جبانة طيبة إلى الإضراب، وذلك لارتفاع أسعار الحبوب، فاندفعوا نحو المعابد وخزائن آمون المكدسة وسادت الفوضى التي اجتاحت البلاد، وسيطر كهنة آمون، وضعفت هيبة الفرعون .

كذلك عجزت الحكومة عن حراسة قبور الموتى فقد كثرت حوادث سرقتها ونهبها، أدى ذلك كله إلى فساد الإدارة، واختلال الأمن، وضياع هيبة الحكومة، وقد تآمرت إحدى زوجات رمسيس الثالث وتدعى (تتى) على الملك لإيصال ابنها إلى العرش .

وهكذا انتهى حكم رمسيس الثالث بعد كفاح وانتصارات كبيرة، ثم تلاه على العرش ابنه رمسيس الرابع، ثم تلاه آخرون حتى رمسيس الحادي عشر، وقد حكموا فترات متفاوتة، وكانوا متشابهين في ضعفهم، فكانوا يعيشون في قصورهم في شرق الدلتا، وكانت السلطة الحقيقية في يد كهنة آمون، وقد اختتمت الأسرة العشرين والدولة الحديثة أيامها حيث تلاشت سلطة الفرعون، وازدادت قوة كهنة آمون، حتى تمكن كبيرهم حريحور من الاستيلاء على العرش وتأسيس الأسرة الحادية والعشرين، وإعلان كبير كهنة آمون نفسه ملكاً للبلاد  .

أما عن نفوذ مصر في الخارج فقد أخذ يقل تدريجياً في آسيا حتى اقتصر على فلسطين، ولكن سرعان ما اخذ يتضاءل أيضاً حتى زالت هي الأخرى كبلد تابع لمصر، ولكن ظل نفوذ مصر في بلاد النوبة  .


عوامل انهيار الدولة الحديثة :

تغير الأوضاع في المنطقة بتكوين الإمبراطوريات الكبيرة في الشرق الأدنى مثل الحيثيين والآشوريين والقبائل الهندو أوروبية كذلك شعوب البحر، كل هذا أدى إلى تغير الأوضاع في مصر فأصبحت عرضة للهجوم، فكان إلزاماً عليها دائماً الدفاع عن نفسها، وقد أدى تغيير مركز الصراع الحضاري في الشرق إلى التأثير على مركز مصر السياسي في المنطقة  .
اصبح كهنة آمون يمتلكون الكثير من الهيبة في نظر المصريين، وظلت طيبة بالنسبة لأهل الشمال تمثل مركزاً يجذب الجميع ، واستفحل الأمر في البلاد بسيطرة هؤلاء الكهنة لدرجة أنه كان لهم أساطيل تجارية خاصة بهم وأصبحت السلطة الحقيقية في يد كهنة آمون .
عدم وجود زعماء أو ملوك كبار يستطيعون بهيبتهم الشخصية أو بواسطة حسن تصرفهم الاحتفاظ للبلاد بنوع من الوحدة السياسية في هذه الإمبراطورية.

أدت هذه العوامل إلى ضعف مصر وأصبحت فريسة لكل من يطمع فيها ويريد الاستيلاء عليها وغزوها 



العصور المتأخره
  1085 ـ 332 قبل الميلاد
من القرن 11- 4 قبل الميلاد


لاشك أن عوامل انهيار الدولة الحديثة قد أثرت على التوازن الحضاري ، وجلبت معها الانهيار للبلاد ، وانتقال الحكم من الأسرة العشرين الى الاسرة الحادية والعشرين بعد وفاة رمسيس الحادي عشر ، وانقسم حكم مصر من جديد إلى جزئين أو دولتين ، دولة في الشمال يحكمها سمندس وعاصمتها تانيس (صا الحجر) في شرق الدلتا ، ودولة في الجنوب يحكمها حريحور وعاصمتها طيبة  .
وقد حكمت الأسرة الحادية والعشرين نحو 150 عاما ، وأنتقل العرش بعد وفاة سمندس الى بسوسينس الأول الذي أستمر عهده نصف قرن تقريبا في تانيس ، وفي طيبة كان خليفة حريحور هو أبنه بعنخي الذي فضل الأحتفاظ باللقبين الكهنوتي ونائب الملك في كوش وتنازل عن الألقاب الملكية ، ولم يسمح بوضع اسمه داخل الخرطوش الملكي .
وقد أستطاع بسوسينس الأول من أن يوثق العلاقات الودية بين البيتين الحاكمين في تانيس و طيبة ، وذلك بزواج إبنته ماعت كارع من أكبر أولاد الكاهن بعنخي المدعو بانجم ، وهو الذي خلف أبيه في وظيفة الكاهن الأكبر لأمون ، واصبح ملكا على طيبة وبعد وفاته تولى إبنه (ماساهرتا) ومن بعده اخوه (من خبر رع) في وظيفة الكاهن الأكبر لأمون .
وفي تانيس تولى الحكم بعد الملك بسوسينس الأول ملك يدعى نفر كارع ، وجاء بعده الملك (أمون أم أبت) ، وتنتهي الأسرة بحكم الملك بسوسينس الثاني .
قد اصطلح الباحثون على هذه الفترة من تاريخ مصر بالعصر المتأخر ، لما أصاب البلاد من تدهور سياسي وثقافي واقتصادي نتيجه الخمول والأنتكاس والتراجع ، وظلت البلاد تعاني مرارة الفوضى والأنقسام حتى قام شيشنق الاول وهو أحد الزعماء الليبين بتأسيس الأسرة الثانية والعشرين .
وقد خطط شيشنق الأول للأستيلاء على عرش مصر دون سفك دماء ، فتمكن من أن يزوج أبنه الأمير (وسركون) الى الأميرة (ماعت كارع) إبنة بسوسينس الثاني أخر ملوك الأسرة الحادية والعشرين ، وبهذا وطد شيشنق علاقته بالبيت المالك ، وتولى عرش مصر بعد وفاته وأسس الأسرة الثانية والعشرين .
لم يعتبر المصريين هذا الحاكم الجديد يمثل سيطرة اجنبية ، فقد تمصر الليبيون وأستقرت جاليتهم في أهناسيا والفيوم و تل بسطة ، أما طيبة فترددت بالتسليم بسلطان شيشنق ، ولهذا أضطر الملك الجديد أن يعين إبنه (إيوبوت) في منصب كبير كهنة الأله أمون ، وبهذا أصبحت مصر كلها تحت رايته .
وبعد وفاة شيشنق الأول تولى ابنه (وسركون الأول) عرش مصر ، وعين وسركون ابنه شيشنق ايضا في منصب كبير كهنة أمون بدلا من أخيه إيوبوت وذلك لتظل وراثة العرش في عائلة وسركون الأول .
وفضل شيشنق أن يضع إسمه داخل الخرطوش الملكي وأن يتعامل معاملة الملوك ، وأستطاع ان يورث منصبه من بعده الى ابنه حور سا ايزيس ، الذي أتبع منهج والده ووضع إسمه داخل الخرطوش الملكي ، وبهذا تمكن شيشنق الثاني من أن ينقل منصب كبير كهنة أمون الى أحد أبناءه ، وليس الى أحد من أبناء الملك الحاكم كما كان متبع .
وبعد وفاة الملك وسركون الأول إنتقل العرش إلى الملك تكلوت الأول ومنه الى الملك وسركون الثاني الذي عين أبناءه في الوظائف الهامة في الدولة .
وعلى الرغم من ذلك لم تستقر الأمور في الدوله وبدأ النزاع بين الفرعين الحاكمين ، الفرع الحاكم في الشمال الدلتا والفرع الكهنوتي في طيبة ، مما اضطر وسركون الثاني لإشراك أبنه تكلوت الثاني في الحكم ليضمن له وراثة العرش .
وكان تكلوت الثاني قويا ، فأستطاع الأنفراد بالحكم وفرض نفوذه على طيبة والدلتا ، ثم أتى بعده شيشنق الثالث الذي استطاع ان يستبعد الوريث الشرعي للبلاد وهو الأمير وسركون بن تكلوت الثاني .
ثم جاء (بيوباستس) باري باستت الذي اسس الأسرة الثالثة والعشرين ، حيث أستطاع تاسيس الاسرة ومركزها تل بسطة في هذه الفترة من الضعف والتفكك وأزدياد نفوذ حكام الأقاليم ، والتنازع بين الحكام وقيام الثورات ، وأستطاع ان يفرض نفوذه على غرب الدلتا ، وذلك في الوقت الذي يحكم فيه شيشنق في تانيس .
وبهذا اصبحت الدلتا تُحكم من بيتين حاكمين ، أحدهما في تانيس ، والأخر في تل بسطة ، أما طيبة المملكة الكهنوتية فكانت بعيدة عن أحداث الشمال .
ساد الضعف والأنهيار والتنازع  بين قادة الجيش وكبار الكهنة في هذه الفترة حتى تمكن بيت ثالث في صا الحجر في غرب الدلتا من أن يؤسس الأسرة الرابعة والعشرين تحت قيادة الملك تف نخت .
وبهذا أصبحت تحكم مصر بيوت وعائلات مختلفة ، أحدهم في صا الحجر ، وأخر في أهناسيا ، وثالث في الأشمونين ، ورابع في تل بسطة ، وخامس في تانيس ، أما الصعيد فكانت تحكم من طيبة التي كانت بعيدة عن احداث الشمال ، وانفصلت النوبة عن مصر وتأسست مملكة نباتا ، واستمرت البلاد على هذا الحال من التفكك أيام الحكم الليبي حتى نهاية الأسرة الرابعة والعشرين .
وقد حاول تف نخت تجميع أقاليم مصر تحت رايته ولكن الملك النوبي بعنخي تمكن من القضاء على هؤلاء الحكام الضعاف وأسس الأسرة الخامسة والعشرين ، وتمكن ملوك النوبة من الاستيلاء على مصر كلها ، ولكن لم يحكم الملوك النوبيين مصر إلا بضع عشرات من السنين .
تولى بعد وفاة بعنخي عام 716 قبل الميلاد  اخوه (شاباكا) ، وبعد وفاة شاباكا عام 702 قبل الميلاد  تولى الحكم (ساباتاكا) وأستمر بالحكم 12 عاما ، و من بعده أخوه (طاهرقا) الذي حكم 26 عاما ، وهو من مشاهير هذه الأسرة ، لما قام به من أنشاءات معمارية في مصر والنوبة ، وخلف طهرقا الملك (تانوت أمون) 664 قبل الميلاد  حتى وافته المنية في مدينة نباتا .
وأبان عهد الملك طهرقا كانت مصر تساعد الدويلات السورية والفلسطينية بقوات مصرية ونوبية ، وعندما علم حاكم دولة أشور (سنحريب) بذلك سارع بجيوشه الى منطقة الخطر لمهاجمة مصر لتدخلها في مستعمراته في سوريا وفلسطين ، ولكن أصيب جيشة بوباء الطاعون فعاد الى عاصمة بلاده .
وتولى الحكم بعده (أسرحدون) الذي قاد جيشه للقضاء على مصر ، وبالفعل اصبحت الدلتا تحت سلطانه ، وأكتفى بالحصول على الجزية من الصعيد ، ولكن المصريين لم يهدأوا فألتفوا حول نكاو أمير سايس ، لأستغلال عداء أسرته للأسرة الحاكمة النوبية .
 وبعد وفاة أسرحدون تولى أشوربانيبال عرش اشور ، وقاد حملة على مصر للقضاء على المصريين الذين قاموا بثورة على غزاتهم ، والقضاء على تانوت أمون ، الذي خلف طهرقا ، وبالفعل هزم تانوت أمون الذي فر الى بلدته نباتا ، وظل هناك حتى حانت منيته وبذلك انتهت فترة حكم الأسرة الخامسة والعشرين النوبية .
ثم بدأت الأسرة السادسة والعشرون ، ويعرف عهدها بالعصر الصاوي نسبة إلى العاصمة (صا الحجر) ، وأول ملوكها (بسماتيك) إبن الملك نكاو .
قد حمل بسماتيك الأول راية الجهاد لطرد الغزاه من مصر ، وكان لتحالفه مع جيجيس ملك ليديا في اسيا الصغري أكبر الأثر في تحقيق ذلك ، فبعد أن اصبحت الدلتا في قبضة بسماتيك بدأ يوجه اهتمامه الى الصعيد ليضمه لمملكته ، فأرسل إبنته الكبرى نيت اقرت (نيتوكريس) الى طيبة لتصبح إبنة بالتبني للزوجة الألهية لأمون الكاهنة (أمنرديس) إبنة طاهرقا ، والتي تولت بعدها هذا المنصب تحت إسم (شب ان أوبت) ، وأصبحت الزوجة الثالثة لأمون ، وبهذا المنصب الديني أصبحت مساوية للفرعون .
وبتوحيد مصر بدأ بسماتيك عصرا جديدا ، فقام بأصلاحات عديدة ، وعاد المصريون الى عصور الازدهار والرقي واستعادوا جزءاً من حضارتهم القديمة ، ثم مات بسماتيك بعد ان حكم مصر حوالي 54 عاما .
وحكم نكاو الثاني بن بسماتيك حوالي خمسة عشر عاما ، ثم أتى بعده أبنه  بسماتيك الثاني و حكم حوالي ست سنوات ، ثم (واح أب رع) أبريس الذي حكم تسعة عشر عاما ، وأستنجد به الليبيون ليحميهم من التوسع الأغريقي ، فأرسل جيشا من المصريين بقياده احمس الثاني، ولكن اُبيد اغلب جنود المصريين ، مما أدى الى ثورة المصريين ضد ابريس وبايع الجيش احمس الثاني ، وبالفعل انتصروا على ابريس وقتلوه .
وحكم بعده أحمس الثاني ، وأستمر حكمه حوالي 44 سنة ، وقام بالتوفيق بين الجنود المصريين والأغريق ، واعطى للأغريق مدينة نقراطيس لتنصبح مدينة اغريقية بمعنى الكلمة ، وأستقرت البلاد في عهده حتى مات .
وتولى بعده اخر ملوك هذه الأسرة وهو بسماتيك الثالث ، الذي لم يزيد حكمه عن عامين ، وهجم في عهده الملك الفارسي  قمبيز على مصر 525 عام قبل الميلاد ، وهزم المصريين عند بلوزيم (تل الفرما) ، وأسر بسماتيك الذي فضل الأنتحار على الخضوع للغازي الفارسي ، وبذلك انتهت الأسرة السادسة والعشرون .
أصبحت مصر تحت الحكم الفارسي ، وبدأت الأسرة السابعة والعشرون بالملك الفارسي قمبيز ومعه سبعة ملوك من الفرس ، أتى بعد قمبيز أبنه دارا الأول ، لكن المصريون كانوا يتحينون الفرص للتخلص من نفوذ المستعمر الفارسي ، وبالفعل قاموا بثورة ضد الملك دارا عندما كان يستعد لقتال الأغريق ، ونجحت هذه الثورة في القضاء على نفوذ الفرس في الدلتا ، وصمم دارا على قتالهم ولكن المنية عاجلته .
وجاء بعده أبنه أكسركسيس الأول وعد جيشا وأسطولا لإخماد الثورة في مصر ، ونجح في مهمته وعين اخاه حاكما على مصر لينفذ سياسته فيها ، وأغتيل أكسركسيس وخلفه أرتاكسركسيس ، وظلت مصر في عهده مشتعلة بالثورة ، وتجمع المصريين تحت راية زعيم من الدلتا يدعى (اناروس) ، وتمكنوا من القضاء على جزء من الحامية الفارسية ، وتحالف امير الدلتا مع أثينا للقضاء على الفرس – العدو المشترك بينهم – وعندما مات أمير الدلتا أستمرت الثورة تحت قيادة زعيم اخر هو أمون حر ، ولكن أثينا تخلت عنه بعد الصلح الذي تم بين اليونان و الفرس ، ولكن لم يهدأ المصريون ، وظلت نيران الثورة مشتعلة ، الى ان تم تحرير البلاد وطردوا الغزو الفارسي .
إصبح  أمون حر أمير سايس ملكا على مصر ، وأسس الأسرة الثامنة والعشرين ، وأتخد سايس عاصمه للحكم ، وأستمر حكمه حوال ست سنوات .
بعد وفاته حكم نايف عاو رود (نفريتس الأول) ، وأسس الأسرة التاسعة والعشرين ، وحكم حوالي ست سنوات ، وحكم بعده الملك هكر وأستمر حكمه حوالي سبع سنوات ، وتولى بعده ملكين ، حكم كل منهما مصر بضع شهور ، ثم أنتقل الحكم الى أسرة جديدة هي الأسرة الثلاثين .
أغتصب (نخت نب ف) نختنبو الأول عرش مصر وأسس الأسرة الثلاثين ، وكانت فترة حكمة حوالي 17 عاما ، وعاد الفرس في عهده لغزو مصر ، ولكن فيضان النيل اوقف تقدمهم وأنقذ مصر من العدوان ، وأشرك نختنبو الأول أبنه جد حر (تيوس) في اواخر ايامه في حكم مصر ، وانفرد بالحكم وتولى بعده ابنه نختنبو الثاني ، وحكم سبعة عشر عاما ، وتجددت في عهده اخطار الفرس بقياده الملك الفارسي أرتاكسركسيس الثالث (أخوس) ، وبالفعل انتصر الفرس وفر نختنبو الى النوبة .
ويمثل الغزو الفارسي الأسرة الحادية والثلاثين ، التي استمرت حوالي عشر سنوات  ، ثم دخل الاسكندر الأكبر مصر سنة 332 قبل الميلاد ، وضمها إلى ملكه الواسع ، وهكذا ينتهي التاريخ الفرعوني علي يده ليحكمها بطليموس أحد قواده ،  ومن بعد خلفاؤه فيما يعرف بالعصر البطلمى  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق